كان الظــّلام سائدا والجوّ باردًا ،وكنت أفتقد للهواء وأتنفّس بصعوبة ،إذا بالأشكال المرعبة تلاحقني و تقترب منّي أكثر فأكثر ،فهي على وشك الإمساك بي … نهايتي أكيدة إذا لم أتمكّن من عبور الباب ،جمعت ما تبقى من قواي وهرعت إلى الباب فأدرت المقبض ونجحت في ذلك ، لكنّ الظّاهر أنّ المغامرة لم تنته هنا.
خلف هذا الباب كانت المفاجآت في انتظاري.. رفعت رأسي فإذا بأشياء متطايرة ومخلوقات تحوم ، لما نظرت إلى الجانب لمحت وحشا يخرج رأسه آه… حتّى هنا لا توجد الرّاحة . يبدو أننا سنواصل الماراثون ، تائه ببصري أترقّب الأنحاء فالمخرج مجهول، أصبر علنّي أجده، أخيرا عثرت عليه… يجب أن أمرّ عبر الباب قبل أن يمسكني الوحش ، واجهت أشياء مختلفة الأشكال تخرج من كل اتجاه ، حاولت تجنّبها أيضًا وأنا مخضّب بالدماء والعرق، لقد تمكنت من الهروب ،والآن يا ترى ما هو التّحدي القادم؟
أضاءت السّماء،و ابتسمت لي الشّمس بعد وقت طويل ، وكأنّي في رحلة إلى الماضي. فالأبنية القديمة جلبت انتباهي بمظاهرها وزخرفها ، الألبسة المحلية وأساليب الكلام المتعددة ،التّنوع كان واضحا ـ وبعد تجوّل قصير عثرت على باب قادني إلى مكان آخر…طبعا لست مستعدا لمواجهة أخطار أخرى فالتاريخ مليئ بالحروب. هذه المرة وجدت نفسي في المستقبل بدلاً من الماضي. تواصلت الرحلة هناك تجاه العلم حيث التجارب، الفرضيات والتقارير… لم أكن لأشبع عقلي فقط بل كان مناسبا لأشبع روحي أيضا ،فعندها أشعر بالسكينة الروحية والتنوير ويصبح وقت النهاية قريب .
وضعت الكتب جانبًا وحاولت أن أستوعب ما قرأته يا للعوالم التي تجولت فيها؟ كتاب يفتح و آخر يُغلق …سافرت من ألغاز القتل إلى روايات الخيال، من التاريخ إلى العلم ،ثم من العلم إلى علوم الدين، مكتشفا بلدانا متنوعة.
أحببت هذا الشعور والجري في مغامرات مختلفة، أستسلم لخيالي وأثري جعبتي بمعارف جديدة، متابعا الرحلة بفيض من الحماس… .
تساءلت كم عدد الأماكن المختلفة التي رأيتها في جلسة واحدة، وكم عدد الأشخاص الذين التقيت بهم ، لقد قمت بتوسيع خيالي أكثر و زينته أكثر من ذلك. أثناء القراءة يبدو كما لو كنا نأخذ لوحة فنية في أيدينا ونبدع غرفًا جديدة بألوان زاهية لعقولنا.
إنّ فوائد القراءة كثيرة لدرجة أنها لا تحصى، فمنها تحسين مهارات التواصل والتعاطف، ومنها توسيع القاموس المفرداتي
و تعزيز الخيال،وأيضا تقوية التركيز، فهي تمرينً تدريبي للعقل ، ودون أن ننسى فهي فعلا تضع حدًا للضغوطات النفسية تنمي وتقوي الذاكرة ،ناهيك عن تحسين مهارات القراءة فهي تمنحنا حياة واحدة بألف حياة. إنها تتيح لنا فرص الوصول إلى أماكن يستحيل السفر إليها جسديًا بل بخيالنا .
إنها نشاط له عدة فوائد إذ يلعب دورًا كبيرًا في تطويرنا، فمهما خصصنا له من الوقت يظل غير كاف.
لهذا علينا أن ننشط أنفسنا لنطبق أمر خالقنا، يجب أن نغوص في بحار الكتب التي ستفتح لنا كتاب الكون،و نوسع آفاقنا ونقوي إيماننا، ونتزود بمعارف جديدة ومفيدة.
ليست الكتب الشيء الوحيد الذي يمكن قراءته فقط ،بل لا بد من قراءة الجبال ،الحجارة والأشجار، الزهور والحشرات. جنبًا إلى جنب مع التأمل والتفكّر،يجب أن نقرأ كل الوجود لنتعرف على خالقنا ونتذوق حبنا لجلاله.